كفى استغباءً للبنانيين واستغلالاً للسوريين!
مقالات وتحقيقات |
الثلاثاء ٨ أيار ٢٠٢٤
هذه السطور لم تكتب بدافع العنصرية او الأذية للأخوة والأشقاء السوريين إنما حفاظا على بلدنا وشعبنا وديموغرافيتنا وديمومتنا، والصرخة باتت مشروعة "عودوا" فلا شيء أغلى وأثمن من تراب الوطن.
إن الشعب اللبناني الذي يعيش هذه الضائقة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي ساهم النزوح السوري إلى حد كبير في استفحالها على مدى سنوات تراكمت وكبرت ككرة الثلج حتى جعلت المواطن اللبناني ضيفُا في بلده، أو بالأحرى أجيرُا لدى بعض المتمولين السوريين.
لا يخفى على أحد ما حققته مصالح السوريين على كافة الأراضي اللبنانية من نجاح، لكنها في المقابل دمرّت وأنهكت اقتصاد البلد ومصالح اللبنانيين معا، ورغم كافة الضوابط والاجراءات المتخذة من قبل دولتنا وأجهزتها، لاسيما حملات الاقفال لهذه المؤسسات غير الشرعية، إلا أن ما بدا لافتًا هو تمسك عدد كبير من أصحاب المؤسسات والمحال التجارية اللبنانية بالعملاء والأجراء السوريين ومحاولة تشريعهم رغم كل العوائق المرافقة لهذه العملية، هذا التمسك يأتي بسبب الرواتب المتدنية التي يتقاضاها هؤلاء والتي تتراوح بين ال ٢٠٠ و٥٠٠ ألف ليرة يومياً كأجر يومي وفقًا للوظيفة التي يشغلها. أضف اليه تعمّد أصحاب العمل بإخفاء العامل السوري عن عيون الاجهزة لحاجته له تحت ذريعة أن العامل اللبناني لا يعمل بأجر العامل السوري على سبيل المثال، حتى أنه وصل بالبعض إلى الدفاع عن عماله لدرجة عند طرح السؤال عليه "من هو هذا العامل أو الشاب؟"، فيرد عليك صاحب العمل مباشرة "ابني او ابن اخي أو ابن الجيران"، تعيد طرح السؤال على العامل نفسه ولا سيما أصحاب الفئات العمرية الصغيرة والذين وُلدوا في لبنان خلال نزوح عائلاتهم إلى لبنان، فيجيبك بلهجة لبنانية نفس إجابة رب عمله. وهنا تقع بحيرة وتسأل نفسك "هل انا مخطىء بما تسمع أذني؟".
هذه عينّة من الصراع بين تطبيق القانون وبين من يتحايلون عليه بهدف تحقيق الربح المادي لأن من الآخر
"اللبناني ما بيشتغل".
اذا أجرينا عملية حسابية صغيرة أو مقارنة " بين أجر العامل اللبناني والعامل السوري على مدار الشهر، نجد أن العامل السوري يتفوق أجرًا عن العامل اللبناني .
لذلك، وبكل محبة وأخوة، ومن دون أي أهداف أو عنصرية، البلد لم يعد يحتمل هذا الضغط الكبير.
ونقول للمتواطئين:" أطلقوا سراح السوريين. يكفي ما نتحمله من الضغط الدولي والخارجي الذي يأتينا من كل ناحية وصوب من أجل إبقاء النازحين في بلدنا؟، لا سيما وأن الجميع أصبح يعلم خلفية هذه الأهداف.وللبعض الآخر نقول "تعاونوا مع الاجهزة الأمنية ولا تعرقلوا عملها هنا وهناك عبر إخفاء أو مقاربة بعض الأمور لمصالح شخصية". كفى استغباءً للبنانيين واستغلالاً للسوريين!
مصلحة البلد والشعب اللبناني قبل كل شيء، وكما نحن في لبنان شعب يحب الحياة والعيش بسلام، أيضا الشعب السوري الشقيق بحاجة للراحة والعيش الكريم في بلده وعلى أرضه. فلنبقى في أرضنا وبلدنا الحبيب ، وكفى هجرة لشبابنا وتشتت.
أما للمجتمع الدولي فنقول "بدل الهبات المشروطة والمواربة في ما تقدمون لنا من فتات، لا نريد رشوة من أحد، هذا حقنا وحق بلدنا، لا نريد مالا ولا رشاوى، نريد عودة لبنان كما كان دوما بلد الحرية و الأمن والأمان والسياحة والاقتصاد، ونريد سوريا كما كانت سوريا الشقيقة والصديقة والعزيزة".
فلبنان يقوى بشعبه وبقاء أبنائه في ارضه. كما أن سوريا تقوى وتصمد بعودة أبنائها اليها. من يخاف على الشعب السوري ويخاف على صالحه فليدعمه ويحميه على أرضه وليس هنا في بلد تحول إلى ملتقى للنازحين وعلى حافة الموت السريري.
للبنانيين والاخوة السوريين معاً نتوجه بقول لأحد الشعراء العظماء: "إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ، فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ، ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي، ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ".
ماريان الحاج عوطة