عندما تصبح السوشال ميديا سبباً لخسارة أبنائنا!
مقالات وتحقيقات |
السبت ٧ أيار ٢٠٢٤
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة مؤخراً بأخبار وقصص عن حالات تحرش وابتزاز وصلت أحيانا الى حد الاغتصاب والقتل او الوقوع بالخطيئة ، فمن وقع سهواً يجب ارشاده ومن وقع عمداً ينبغي معاقبته، لكن قبل كل ذلك يجب البحث عن السبب والمسبب معاً، فكم من هذه الحالات تركت أثراً كبيراً في نفوس أطفالنا وشبابنا المراهقين.
الأجهزة المعنية في هكذا حالات تتحرك على الفور، تراقب وتتابع، فتوجه التنبيه والتحذير للبعض وتعاقب الجاني على فعلته، وتقوم بحماية الضحية.
ما يجب أخذه بعين الاعتبار، هو متابعة ومساندة الضحية بعد تعرضها لهكذا حادث فقد تحمل معها معاناة لفترة طويلة من الزمن.
واللافت بالأمر ان معظم الضحايا هي من الفئات العمرية الصغيرة والقُصّر، والجهة الجانية والمسببة هي من الفئات الأكبر.
استطلعنا بعض الحالات ميدانياً، فتبين لنا أن المواضيع متشعبة ولكن السبب والمسبب لسقوط هؤلاء الضحايا تبين انه "السوشال ميديا أو أحد وسائل التواصل الاجتماعي" فوسائل انتشارها في أيامنا هذه أصبحت كثيرة لاسيما ذاك الشيء الصغير المحمول الذي أصبح في متناول كل يد ولدى كل شخص وفي كل منزل، انه "الهاتف المحمول أو اللابتوب أو الكومبيوتر".
الكل يعلم، ان هذه المادة صُنعت ووُضعت بين ايدينا كوسيلة للتواصل اما من أجل اختصار المسافات أو من أجل حل أمورنا ومتطلباتنا والوصول إلى مرادنا بسرعة بهدف المعرفة تماشياً مع التطور. لكن وللأسف، يبدو أن هذه الوسائل أصبحت تشكل خطراً كبيرا على المجتمعات ولاسيما على أطفالنا.
سطورنا هذه ليست بهدف محاربة هذه الوسائل أو الحد من تطورها إنما لفتة نظر لكل أم وأب وأخ وصديق ومدرسة للانتباه ومتابعة هذه الفئة العمرية الصغيرة والمراهقة برفق ومحبة ومودة لارشادهم وتقديم النصح لهم حول كيفية استعمال هذه الوسائل، فالوصول إلى المعلومة هذه الأيام أصبح ثمنها باهظاً على أولادنا وخطراً داهماً عليهم، لان وسائل البحث تخطت العلم والمعرفة عند البعض واتجهت بهم إلى البحث عن امور أخرى وسيئة في ذاك العالم الافتراضي الذي سيطر على عقول وحياة أطفالنا حتى وصل بهم الأمر الى حالٍ من الإدمان، الذي لم يعد يقتصر فقط على الكحول أو التدخين أو المخدرات، فتمضية أطفالنا لمعظم اوقاتهم على ذاك الشيء الصغير الذي أشرنا اليه أعلاه أصبح إدماناً وقد يجعلنا نصل إلى أمور لا تحمد عقباها، ورغم ذلك يقول لك البعض "التكنولوجيا"!.
عزيزي القارىء، نحن لسنا ضد التكنولوجيا ، لكن برأيك هل بقيت فقط "مادة" للتطور والعلم والمعرفة؟. في ظل كل ما يجري، نحن نراها تخطت المعقول وسيطرت علينا وجعلت من أطفالنا سجناء ورهائن لها، فقد جعلتهم يعيشون داخل هذا العالم الافتراضي لدرجة وقوعهم في أخطاء جسيمة حتى أصبحوا " لا يدرون ماذا يفعلون".
فقد زادت من خطر إيذاء الأطفال لأنفسهم، كما ان استخدام المراهقين لمواقع التواصل الاجتماعي أضحى يقلل نسبة الرضا عن حياتهم، والمخاطر المحدقة بصحة أبنائنا النفسية قد تصبح كبيرة جدا وثمنها باهظاً، لأننا اقتربنا من جيل لم يعد من الممكن فصله أبدًا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءًا من حياة كل فرد.
لذلك، ومن أجل تفادي الاخطاء التي قد تنتج عن متابعة هذه الوسائل والتلهي بها، هناك وسائل تسلية بديلة لاطفالنا. فكم من الأطفال أدخلوا إلى المستشفيات جراء جَرح أو تسميم أنفسهم نتيجة الاضطرابات النفسية التي سببتها لهم بعض تلك مواقع التواصل الاجتماعي وأدت بهم إلى الاكتئاب؟. فالاوقات التي يقضيها الطفل أو المراهق في العالم الافتراضي خلقت فجوة بين ما يراه في ذلك العالم وبين الواقع دون القدرة على التأقلم. وقد أثبتت عدة دراسات ان السوشال ميديا أضحت تقلل نسبة الرضا عن الحياة وخاصة عند المراهقين، كما أنها تركت آثاراً نفسية وسلبية عند عدد كبير من الاطفال، ونذكر منها:
- الميل إلى العدوانية والعنف، سواء بغرض التقليد، أو التعبير عن مشاعر تتولّد نتيجة المحتوى السيء.
-التفكير بأمور جنسية لا تناسب عمر الطفل.
-التعرض لمحتوى قد يضرّ بالعقل والدين والقيم، لأن الطفل لم يبلغ بعد مرحلة يميز فيها بين ما هو صحيح وما هو خاطىء.
-أعراض كالعزلة و الاكتئاب و الخوف من الناس، وغيرها الكثير الامور.
لن نستفيض أكثر في الكتابة، لانه بالرغم من وجود حسنات لهذه الوسائل، الا ان سيئاتها اكبر بكثير.
فكما أوصى الله تعالى الأبناء بالوالدين بالبر والإحسان والطاعة والتأدب، فكذلك أيضاً أوصى الوالدين بالأبناء عدلًا وتربيةً وحُسن تنشئة.
لذا، على الاهل والمدرسة وكل بيئة حاضنة للأطفال القيام بحمايتهم من آثار منصات التواصل الاجتماعي، وذلك عبر وضع قوانين لا تهاون في تنفيذها حول عدد ساعات وكيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، بما يتناسب مع عمر ووعي الطفل. كما يجب تفعيل نظام المراقبة الأبوية الإلكترونية. كما يجب الحرص على الحوار الدائم مع الطفل حول ما يشاهده وما يعتقده، لاكتشاف أي مشكلة أو خلل قبل أن يتطور الامر ويقع في المحظور.
قوموا يتوفير البدائل لأطفالكم فوراً كالألعاب الرياضية والنزهات العائلية والأنشطة الحركية.
والى عائلة كل طفل وكل من يقرأ هذه السطور نقول، نحن أيضا عائلة ولدينا أطفال وخوفنا هو خوفكم فلنكن جميعاً قدوة حسنةً لأطفالنا، ومن يعجز فليطلب الدعم فوراً من جهات مقربة او صديقة أو مختصة، فمن حق أطفالنا الحياة والعيش الكريم والآمن وحقهم علينا انقاذهم وانتشالهم ومساعدتهم قبل الوقوع في المحظور.