المرتضى من بطرسبورغ: الثقافة بحاجة لمن ينقذها من الصهيونية عدوّة التكامل الانساني، والمثقف الحق ينصر فلسطين
تربية وثقافة |
الأحد ٢٢ تشرين ثاني ٢٠٢٤
واستهل المُرتَضى كلمته بالإضاءة على عنوان المؤتمر الذي " يطرحُ إشكالياتٍ عديدةً متوزِّعةَ الحضورِ في أرجاءِ العالم، توزُّعَ أممه وثقافاتِه، لكنها تجتمعُ بكاملِها أو بمعظمِها في بلادنا... هناك، في الشرق الأوسط، حيثُ تزدحمُ صراعاتٌ لا حصرَ لها، ترتدي أزياءَ متعددةَ الألوان، من عسكريةٍ واقتصاديةٍ وأمنية، وهي في العمق منها، ثقافيةُ الجوهرِ والأساس".
واعتبر المُرتَضى أن " اجتماع هذه الإشكاليات عندنا تمزيقي وأوّلُ معالمه احتلال فلسطين منذ خمسةٍ وسبعين عامًا، في جريمةٍ ضد الإنسانية استُبيح فيها الترابُ والناس والتراث، وما زالت مستمرةً إلى اليوم، ضد البراءة المحترقةِ بوَقودِ أشلاء الأطفال الذين تنصبُّ على أجسادِهم الطرية وأفراحِهم الطريدةِ قنابلُ المدافعِ وحِممُ الطائراتِ الغربيةِ الصنعِ، في غزةَ الصابرةِ على جراحها التي، أشدُّها إيلامًا، سكوتُ أغلب العالم بل تأييدُهم لأعمال التدمير الممنهجِ والقتل اليومي".
وأشار المُرتَضى إلى أن " المشروع الصهيوني لم يعمل على احتلال فلسطين فحسب بل استولى في طريقِه على تراثها ببدعة التهويد الثقافي والحضاري ونسبَه لنفسه كما صادرَ الوعي الإنساني لدى كثيرٍ من سياسات الأمم عبر السيطرة على الإعلامِ والمال حتى انقلبت المعايير انقلابًا كاملًا، فبات كلُّ ما يرتكبُه الاحتلالُ من جرائمَ، مقبولًا ومبرَّرًا، تحت ستار الدفاع النفس، وباتت كلُّ مطالبةٍ بالحقِّ المسلوب موصومةً بالإرهاب".
أضاف انه وعلى " طريق ترسيخ هذه الجريمة المتمادية، وتثبيتِ آثارِها، كان العبثُ بأمن المجتمعات، والاستيلاءُ على الثروات الوطنية، وزرعُ الفتن داخل كلِّ دولة، وكانت محاولات زعزعةِ السلامِ الداخلي والنظام العام، عبر دعم المنظّمات الإرهابية كداعش، التي كان لروسيا الاتحادية دورٌ مركزيٌّ مشكورٌ في محاربتِها خلال الأعوام الماضية في سوريا والمنطقة".
وأردف قائلًا: " هذه الأزمات الكبيرةُ وسواها مما لم أذكر، كانت في حقيقتِها ثقافيةَ الطابع ترتكزُ على صراعٍ ثقافي بين فكرتين متناقضتين: التكامل والإلغاء. ففي الوقت الذي تفرضُ فيه المدنيةُ على أبنائها قاعدة التنوعِ، وتُربّيهم على حسن إدارتِه في سبيل التكامل الإنساني، تنبري ثقافة أخرى، قائمةٌ على التمييز العنصري على أساس الدين، تزدري بسائر الشعوب والديانات، وتستبيحُ قتلَهم حتى الإبادة. هذا كلّه يا سادتي يحصل عندنا في فلسطين، وحدث مثله قبلًا في لبنان وسوريا والعراق ، في مشاهد لا تزالُ تتكرر حينًا بعد حين".
واعتبر أن " الصراع يزداد احتدامًا بمحاولات فرضِ الشذوذ الذي ينافي القيم والآداب الاجتماعية التي تشكّل لدى كلِّ شعبٍ جزءًا من هويته الحضارية، وذلك تحت ستار التطوّر وحقوق الإنسان" مؤكدًا" إن التكامل الثقافي أساسٌ في بناء الحضارة، وكلُّ تطورٍ علمي لا يكون مشبعًا بالقيم، يجعل من البشر حقولَ تجارب ومختبَراتِ أشياء"
وعن تعريف الثقافة قال: " كلُّ ثقافةٍ لا تولّد في صاحبها انحيازًا كاملاً إلى الحقّ، ليست سوى مظاهر فارغة، سرعان ما تذهبُ هي وصاحبها كالزبدِ جفاءً، فكيف هو الحال مع فئةٍ جنحت نحو استعمال ما تيسّر لها من إحاطةٍ ومكْنات وسيلةً للإمعان، في هذه المرحلة، في ممارسة العمالة المأجورة المنصبّة على كيّ الوعي لجعله مستسيغاً للنفاق ولأعداء الإنسانية بل ومنافحاً عنه وعنهم، وتعلمون أنَّ بعض أخطر العملاء هم المتخفّون في جلابيب الثقافة المجنّدون لخوض الحروب الناعمة".
وشدد المُرتَضى في كلمته على " الإلتزام بقضية الحقّ، ومنها قضيّة الحقّ في فلسطين، ومناهضة المشروع الصهيوني فيها وفي منطقتنا بل وفي الدنيا بأسرها ، وهما معياران اساسيان في هذه المرحلة الإستثنائية من عمر العالم، بهما يميّز بين المثقّف الحقيقي الشريف وبين المتخفّين في جلابيب الثقافة".
وتمنى المُرتَضى " النجاح لأعمال المنتدى في ترسيخ مفاهيم التنوع والتكامل، وقبولِ الآخر، وتكريسِ الاعتقاد بأن الحضارةَ نهرٌ له روافدُ كثيرةٌ تصبُّ فيه من كلِّ اتّجاه، فتَزيدُ منسوبَ مياهِه، وتجددُ أمواجه، وتغسلُ ضِفافَه ومجراه"، مضيفًا أن " الحضارةُ الإنسانية لن تتحول قطعًا، بهمة المثقفين، إلى مستنقعٍ آسنٍ تتجمَّعُ فيه رواسبُ الأنانيات ومحاولاتِ الإلغاء التي لن تجدي نفعًا".
وختم المُرتَضى قائلًا: " علينا جميعاً ان نتعاون في شراكة متينة من اجل انقاذ الثقافة من بين براثن أعداء التكامل الانساني الذين لا يرون فيها الاّ وسيلةً للحرب الناعمة واداةً من ادوات الحروب المركبّة تمكّنهم من كي الوعي الشعوب تمهيداً لاستعبادها" شاكرًا روسيا الاتحادية رئيساً وحكومةً ووزارة الثقافة الروسية.