كاتب اول أوبرا عربية البروفسور انطوان معلوف مكرمُا في مدينته زحلة... أمضى لياليه متنسكًا في محراب الإبداع!
تربية وثقافة |
الأحد ٢٢ تموز ٢٠٢٤
واستقبلت موسيقى فوج زحلة الأول في كشاف التربية الوطنية الحضور، وبعد عزف النشيد الوطني اللبناني ازاح البطريرك العبسي والمهندس زغيب الستار عن تمثال نصفي للأديب معلوف وسط تصفيق الحضور، وكانت لحظة مؤثرة بكى فيها المكرّم تأثراً محاطاً بعائلته.
وانتقل الحضور الى فندق قادري الكبير حيث اقيم حفل خطابي استهل بالنشيد الوطني اللبناني انشدته الميتزو سوبرانو تيرا معلوف اعقبه كلمة ترحيب من مقدمة الحفل الأديبة الهام معلوف زناتي، وعرض فيلم وثائقي عن انطوان معلوف ” المُلهِم .. المُلهَم” ، وكانت كلمات لرئيس بلدية زحلة معلقة وتعنايل المهندس اسعد زغيب الذي قال:" "اننا نشهد اليوم على ولادة حارس جديد لمعبد الثقافة والابداع. زحلة نهر من الثقافة والفن والابداع، وكل ما سطع نجم جديد في سماء زحلة كلما ولد عظيم جديد. هذا الإبداع لا يجب ان ينتهي يوم التكريم، بل من هنا تبدأ رحلته".
بدوره، ألقى رئيس مجلس قضاء زحلة الثقافي مارون مخول كلمة في المكرّم وقال:"البروفسور انطوان معلوف هو أستاذِ الفقهِ المسرحي اليوناني والناقدِ الثقافي، هو ابنُ زحلة التي انجبت عظماء فسطع نجماً رائداً في مجالِ العلمِ والفنون،وهو ذلك الصبيُّ الصغيرُ الذي شاهدَ مع والدتِه ذاتَ يومٍ مسرحيّةَ "صلاح الدين" فنشأ في طفولتِه رهيفَ الحسِّ، شغوفاً بالفن، يقفُ أمام المرآةِ مبتسماً و يدهنُ وجهَهُ بالمساحيقِ ليتقمّصَ شخصيّاتٍ تاريخيّةٍ تطوفُ في خيالِه، ويسرحُ معها وجدانُه. لقد تعلّق الكاتبُ انطوان معلوف بالفنِّ الإغريقي، بما يحملُه من ميثيولوجيا ماورائيّة، تقودُ إلى الفلسفةِ المتشعّبةِ المرامي، والتي استحوذت على فنِّه وكتاباتِه".
وتابع:" لقد عشِقَ انطوان معلوف الفلسفةَ المأساويّة، وبطلَها أرسطو، وأحبَّ الفلسفةَ اليونانيّةَ، ورسمَ الأوبرا العالميّةَ بكلماتٍ سحريّةٍ باللغة العربيّة، ففَتَحت مسرحيّتُه "عنتر وعبلة" رموشَ الضوءِ على أوّلِ أوبرا تغنّى باللغةِ العربيّة، وحصَدَتٰ جوائزَ استثنائيّة، وهو صاحبُ "الإزميل" اول مسرحية عرضت على ادراح بعلبك وما زالت تدرس في الجامعة اللبنانية الى يومنا هذا واه مسرحية "بابل" و"داوود" و"غيرها" ، تلك العناوينُ التي تراوحَ مغزاها بين فخامةِ التراث والنقدِ المبطّنِ لمرارةِ الواقعِ المفروضِ على الوطنِ والانسان"..
وأردف:" لقد آمنَ الدكتور المعلوف بشفافيّةِ الوجوديّة، واختزلَ المدرسةَ الواقعيّةَ للحياةِ بقلمٍ وحبرٍ وأوراقَ تبيّتُ الحقيقةَ دائماً، وكان معتزّاً لانتسابِه ٱلى عائلةِ المعالفة، التي يسري في جيناتِها حبُّ الشعرِ ورونقُ الابداع، وسخّرَ الميثيولوجيا والتراجبديا الانسانيّةَ لإبصالِ أفكارِه، وابتدعَ تمازجاً بديعاّ يخلبُ الألبابَ بين الأدبِ العربي والأدبِ اليوناني التراجيدي، وغاص بفكرِ أرسطو وبضرورةِ ابتكارِ رؤيا مسرحيّةٍ تُحْدِثُ انقلاباً حقيقيّاً وزلزالاً عظيماً بفلسفتِها الاستنباطيّةِ التي تغيّرُ المجتمعَ وتطوّرُ الأفكارَ والمعرفةَ والحضارةَ الشاملة.
وشكر مخول غبطة البطريرك يوسف العبسي الموقر لرعايته هذا الحدث التاريخي ورئيسَ بلدبّة زحلة - معلّقة وتعنايل المهندس أسعد زغيب على تخصيص ساحة للنصب في حديقة الشعراء والادباء اشكر مجلس قضاء زحلة الثقافي ادارةً واعضاء . اشكر الدكتورة هدى زوجة المحتفى به التي ارشفت اعماله والشكر الكبير للدكتور غسان الاخ المحب الحنون وللهيئة الناظمة التي عملت جاهدة لانجاح هذا العمل، اشكر الفنان القدير جمعة الناشف الذي صب احاسيسه في رخام الابداع فكان هذا العمل المدهش.
ثم جرى عرض مشهد من اوبرا عنتر وعبلة التي كتبها المكرّم انطوان معلوف، اعقبه كلمات للمايسترو مارون الراعي (اوبرا لبنان )، وهي الشركة التي انتجت اوبرا "عنتر وعبلة" وقال:" ان من نكرمه اليوم هو بالاضافه لمؤلفاته الادبيه والمسرحية هو ايضا اول كاتب نص للاوبرا الجادة باللغة العربية. هذا الانجاز التاريخي الذي الهم ليس الموسيقيين وحسب بل دولا اصبحت تتسابق لنيل هذا الانجاز الذي يكاد يقتحم اليوم جمود ورتابة الصناعات الثقافية والابداعية العربية ويشرع افاق الانتاجات الموسيقية الى ما لا حدود.
وشبّه الراعي "زحلة بمدينة فلورنسا طبيعة وابداعا متسائلا ما المانع من ان تستحق زحلة هذا اللقب وتعيد للبنان دوره الثقافي والفن الرائد من خلال احتضانها الاوبرا العربية صنيعة ابنها البار الدكتور البروفيسور انطوان معلوف فتكون زحلة انطلاقه شرارة النهضة العربية المعاصرة والمنتظرة".
ثم القى الشاعر جورج كفوري كلمة عدد فيها" ميزات المكرم وما تحلى به من خصوصية، مختزلا سيرة المعلم بأسلوبه المسرحي الذي يصعب الاجتزاء منه".
وكانت هناك وقفة اوبرالية مع الميتزو سوبرانو تيرا معلوف تلتها كلمة الدكتور جوزف لبّس وقال:" لقد رافقت انطوان معلوف تلميذا وزميلا وصديقا اعواما طوالا كما لازم ارسطو افلاطون وتعلمت منه دروس ووصايا عشر لقد ادهشنا وهو ابن 20 حين حصد الجوائز منفردا او مناصفه مع الكبار وادهشنا في العقد السابع حين تجسدت على خشبة المسرح الاوبرا العربية، وما زال هذا الرجل يدهشنا في السادسة والثمانين إذ سطّر في الفكر السياسي سفرا يتلاقى فيه منطق اليونان وسياسة الرومان وبلاغة العرب".
ثم ألقى الشاعر الدكتور جان قسيس ( نقيب الممثلين في لبنان سابقاً )،كلمة وقال: حملت قلبي وجئت لاقف امام هذا الكبير امام هذه القامة التي يعانق جبينها الشمس وانحني لاقبل يده مرة اخرى عرفانا وامتنانا لا لأنه علمني اللغة والأدب وفقه المسرح وشجعني على الشعر فحسب بل لأنه غرس في اعماقي صفوة القيم وتلك النزعة الانسانية الصافية التي على هداها رسمت مسيرة حياتي وفصولها. ان التواضع والصدق هما الصفات التي زانت اخلاقية هذا الرجل. مذ اشرف على الكتابة المسرحية وهو بعد في مطلع شبابه لم يكتب للتجاره او للتبجح بل كتب لإيمانه بالكلمة واليقين بأنها وحدها مسار الحياة الفضلى وخلاص الانسان من ربق الوجود. كتب للحق وعاينه وشهد له ،كتب بلغة يفهمها الصغير والكبير انطوان معلوف ليس اي كاتب والإرث الغني.الذي تركه للمسرح اللبناني والعربي هو جوهره ماسية التوهج اضاءت عتمة النص المسرحي في مشرقنا، انه كاتب المستحيل وكاتب المعاناة الإنسانية المطلقة وكاتب الوطن المجروح حتى قبل ان يتفتح جرح هذا الوطن. كم انا مدين لك،ولطالما كنت لي القدوة والمنارة ولطالما اسرتني بدماثتك وهدوئك الطفولي ولطالما جذبت إلي عميق فكرك ومعرفتك وثقافتك الرزينة، ووقوفي هنا اليوم على هذا المنبر في زحلة المتالقة دوما لاقول كلمه فيك مدعاة فخر لي واعتزاز وانا اعترف ان ما جاء في كلمتي نزر يسير مما اردت ان اقول".
وجرى عرض وثائقي يتضمن شهادات بالمكرّم, وقدّم مدير كلية الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية الفرع الثاني الدكتور برنار غصوب منحوتة للبروفسور معلوف، وقدّم المهندس غازي غصن للمكرم لوحة بورتريه بالحبر الصيني.
البطريرك عبسي نوّه في كلمته بالمكرّم البروفسور انطوان معلوف، وبكتاباته التي اغنت المكتبة الأدبية في لبنان وقال:" لقد اسهم المكرم في بناء صرح المسرح اللبناني بكتابة مسرحيات تتجاوز حدود الكلمات لتقدم رساله حية تعكس الحياة بالوانها وانغامها....الفن والمسرح عند الاستاذ انطوان معلوف هو مكان لتجسيد القيم المسيحية مثل المحبة والتضحية والرحمة والعدالة والحريات..كذلك الفن والمسرح عند البروفيسور معلوف متسع للتعبير عن الالم والرجاء في الاوقات الصعبه كالتي نعيشها في لبنان وفي شرقنا بحيث تكون الكتابة المسرحية مصدرا للتعزية والتعافي وبمثابة ملجأ روحي للناس الذين يمرون باوقات عصيبه ومعاناه قاسية .. شكرا لك على ما ابدعته وقدمته بفضل تفانيك واخلاصك انت باق في قلوبنا مثالا يحتذى به في المعرفه التي تعكس عمق الايمان المسيحي ومثالا في ان الاوطان والكنيسه تقاس بامثالك وليس بمناصب او مراكز ...
الختام كان مع كلمة العائلة القاها شقيق المكرّم الدكتور غسان معلوف شكر فيها البطريرك العبسي على بركته وحضوره، وشكر السادة الأساقفة وبلدية زحلة ومجلس قضاء زحلة الثقافي والحضور وقال:" لا اعرف من سيغمض عينيه اولا انت او انا ولكن الاكيد انه عندما اغمض عيني سيغمرني السلام والفرح لاني بهذا الحفل وحضور هذه النخبة اكون قد اعطيتك بعض ما تستحق وانت الذي امضيت حياتك متنسكُا في غرفة لو نطقت حجارتها لاخبرتنا عن لياليك الطوال المضنية في الابداع وخلق شخصيات مسرحياتك القلقة واسئلتهم على الوطن والكون والمصير كان هاجسك اننا لن نعيش مئات السنين لكن يمكن ان نبدع شيئا يستمر مئات السنين وهذا ما فعلته يا اخي نعم كتاباتك ستبقى ويكفي انك واضع نص اول اوبرا باللغة العربية التي تلقفها المايسترو مارون الراعي بعبقرية موسيقية فريدة
واختتم الإحتفال بحفل كوكتيل.
وكان قد سبق حفل الاحتفال، إزاحة الستارة عن تمثال نصفي للمكرم البروفسور انطوان المعلوف في حديقة الشعراء - الممشية نحته الفنان جمعة الناشف وصمم ونفذ قاعدته المهندس الفنان غازي غصن.