لا نفط في البلوك 9.. والحفر المقبل في 2025!
اقتصاد وأعمال |
الإثنين ٣٠ تشرين أول ٢٠٢٤
وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حديث تلفزيوني أنه «أوّل من أمس زارني وفدٌ من شركة ««توتال»، وأبلغني أنّ المعطيات المتوافرة غير إيجابيّة في ما يتعلّق باستخراج الغاز من البلوك رقم 9، وأنه لا يوجد أيّ أمر ملموس يؤكّد وجود غاز فيه، ولكنّ القرار النّهائي سيُتّخذ من قبل الشّركات المختصّة خلال أيّام».
وكتبت "النهار": في إنتظار تقارير "توتال" الرسمية، يبدو أن الحسم بعدم وجود غاز في البئر الذي تم الحفر فيه قد وقع، وتاليا فإن الإجتهادات عن دور ما وتأثير سلبي لحرب غزة، في إستمرار الحفر وإستكشاف مستقبل النفط والغاز، بدت جميعها كلاما في السياسة، وإستخداما غير مجد لملفٍ قد تتغير المعطيات فيه، بين ليلة وضحاها.
اذ ان نتائج المسح الأولي حددت المكامن المفترض الحفر فيها، وهو ما يعطي فرصة لـ"توتال" بالإنتقال الى الحفر في مكمن آخر بالرغم من معضلة الخسارة الكبيرة للوقت، حيث لا يمكن وفق جدول الاتفاق مع توتال العودة لإستئناف الحفر في بئر جديدة قبل سنة 2025 .
ورجحت مصادر مطلعة لـ"البناء" أن تكون هذه الإشاعات متعمدة وتحمل رسالة الى لبنان بأنه بحال فتح حزب الله الجبهة الجنوبية مع «إسرائيل» دعماً للفلسطينيين، فإن الأميركيين والفرنسيين سيطلبون من الشركات وقف أعمال الحفر والتنقيب وحرمال لبنان من استثمار هذه الثروة الطبيعية الهامة التي يراهن عليها لمعالجة أزمته الاقتصادية، وبالتالي إبقاء لبنان تحت الحصار النفطي والمالي والنفطي والعازي. لكن مصادر في فريق المقاومة تحذر عبر «البناء» من أن تجميد عمل الشركات في البلوك 9 بذريعة عدم وجود غاز ونفط، سيدفع المقاومة للعودة الى معادلة السيد حسن نصرالله: «لا استخراج غاز ونفط من كاريش من دون استخراج الغاز والنفط في حقل قانا»، وبالتالي قد تبادر المقاومة في أي وقت الى إرسال مسيرات فوق كاريش وربما استهداف المنصة بصاروخ لإجبار الشركات على وقف أعمال الاستخراج، ما يعطّل نقل الغاز والنفط من البحر المتوسط الى اوروبا في ظل استمرار الحاجة الأوروبية للغاز بسبب الحرب الروسية – الاوكرانية.
وكتبت "الاخبار": هذه النتيجة، أثارت الكثير من الشكوك بوجود «مؤامرة» على لبنان، إلا أن المصادر الرسمية قالت إن هذه الشكوك لا تبدو منطقية نظراً إلى الكلفة الكبيرة التي تكبّدها تحالف الشركات في سياق عملية التنقيب، إذ تبلغ كلفة الحفر وحدها نحو 100 مليون دولار. وحتى الآن، لا تستند الاتهامات بوجود مؤامرة على دلائل علمية موثوقة، إنّما ترتكز على نتائج مسوحات أشارت إلى وجود كميات من الغاز في البحر المتوسط، وأنه جرى اكتشاف بعضها، ولا سيما في الحقل الذي يضع الكيان الإسرائيلي يده عليه والواقع في الجزء المقابل للمكمن الذي حفرت فيه ««توتال» ضمن الرقعة اللبنانية.
ورغم أن هناك تأكيدات تشير إلى وجود كميات كبيرة من الغاز في هذا المكمن، إلا أن معطيات الحفر التي تقول ««توتال» إنها استخرجتها بعد حفر 3905 أمتار، تُظهر أن نسبة الكثافة في الماء الموجود داخل المكمن المحفور كبيرة، وبالتالي فإن كمية الغاز قليلة جداً فيه ولا ترقى إلى أن تكون كميات تجارية صالحة للاستخراج والبيع، وبالتالي لا داعي لمزيد من الحفر والفحوصات والأكلاف.
بمعزل عن نظرية المؤامرة واحتمالات تزوير النتائج، يمكن القول بناءً على المعطيات التي سرّبت من موقع الحفر، إن عملية التنقيب، ببساطة، لم تفضِ إلى النتيجة المرغوبة، وإنه لا داعي لاستمرار البحث في هذا المكمن طالما أن النتائج تشير إلى أن الكميات المتوافرة فيه ليست تجارية وأنه لا جدوى مالية من استخراجها. وسواء كانت هذه المعطيات نهائية وحاسمة أو جرى التلاعب فيها، فإن النتائج المترتّبة عليها ستكون واضحة: لا يمكن التعويل حالياً على أن لبنان سيتحوّل إلى بلد منتج للغاز الطبيعي قريباً. وبالتالي، فإن كل الآمال والرغبات التي جرى التسويق لها بشأن «ازدهار» اقتصادي آتٍ وبيع الغاز بمليارات الدولارات على مدى العقد المقبل بالحدّ الأدنى، وصولاً إلى تسديد أموال المودعين وغيرها من الخلاصات التي جرى الترويج لها، لا محلّ لها في سياق فشل الاكتشاف في الرقعة 9.
الحديث عن فشل الاكتشاف في الرقعة الرقم 9 هو الثاني للبنان وللتحالف بقيادة ««توتال»، إذ تبيّن نتيجة أعمال حفر الآبار الاستكشافية أن الرقعة الرقم 4 لا تحتوي على كميات تجارية من الغاز. يومها، جرى التشكيك أيضاً بالنتيجة التي توصلت إليها ««توتال»، لكن الحديث عن الأمر خفت تدريجاً إلى أن استحوذ الحديث عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية جنوباً، على كل النقاش بشأن وجود كميات من الغاز في المنطقة الاقتصادية البحرية الخاصة بلبنان.وكان لبنان قد وقّع في 2018 عقداً مع تحالف شركات ««توتال» (فرنسية بحصّة 35%) - «إيني» (إيطالية بحصّة 35%) - «نوفاتيك» (روسية بحصّة 30%)، من أجل التنقيب عن النفط والغاز في الرقعتين الرقم 4 و9 في المنطقة الاقتصادية البحرية الخاصة بلبنان، إلا أن الشركة الروسية انسحبت من التحالف وتركت حصّتها للبنان، ثم أهداها لبنان إلى شركة «قطر بتروليوم» في نهاية كانون الثاني 2023 في إطار اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي. وقد أطلق التحالف عمليات الحفر في 27 آب 2023 لتستمر لنحو 47 يوماً.