رياض سلامة في زنزاته: اكتئاب وفشل رئوي بسبب التدخين
لبنان |
الخميس ١٣ أذار ٢٠٢٥

من ستة أشهر، ولا يزال محتجزًا نتيجة مذكرات التوقيف الصادرة بحقه في القضاء اللبنانيّ. وفي الأيام الماضية، نُقل مرة أخرى من مستشفى بحنّس إلى مستشفى "أوتيل ديو" في بيروت، نتيجة تدهور حالته الصحية بشكل كبير.
صعوبة في التنفس واكتئاب
بعد توقيف سلامة وإصدار أولى مذكرات التوقيف، نقل إلى زنزانة في مديرية قوى الأمن الداخلي، وتمتع برعاية استثنائيّة بداخلها، وكانت تؤمن وجباته اليومية من مطعمه المفضل في العاصمة بيروت. لكن مع مرور الوقت، بدأ يُعاني من آلام في الصدر، ليتبين بعدها بأنه مصاب بمشاكل في الرئة أدت إلى خفض مستوى الأوكسيجين في الدم. وبحسب الرواية القضائية لـ"المدن" فإن رئة الحاكم توقفت عن العمل، ونُقل حينها لمستشفى بحنّس قضى فيها حوالى الشهر، وأجرى عملية قسطرة القلب (التمييل) بسبب انسداد بعض الشرايين، وجرى متابعة حالته الصحية بشكل يوميّ من قبل طبيب تابع لقوى الأمن الداخلي، لكنه خلال الأيام الماضية احتاج لإجراء صورة شعاعية (scintigraphy)، لكنها ليست متوفرة في بحنّس فنقل إلى "أوتيل ديو". ووفقًا للمصدر نفسه فإنه يعاني أيضًا من نقص في نشاط الغدة الدرقية، وحالته الصحية تزداد سوءًا.
إذن، يتضح أن الحالة الصحيّة للحاكم متدهورة جدًا بسبب دخوله للسجن. وهنا تشرح مصادر قضائية لـ"المدن" الأسباب التي أدت إلى تدهور صحته الجسدية بشكل سريع وتقول أنه خلال مكوثه داخل السجن بدأت عوارض الاكتئاب تظهر عليه تباعًا، كالصداع المتواصل وتلاعب في ضغط الدم وغيرها. ونتيجة تضاعف الاكتئاب استمر بتدخين "السيجار" بكميات كبيرة بشكل يوميّ، ما أدى إلى ازدياد مشاكل الرئة وصعوبة التنفس. وتضيف المصادر إلى أنه وبالرغم من تأمين كل احتياجاته لكنه تجاوز الـ75 عامًا، وفي هذا العمر تظهر المشاكل الصحية أكثر، وتدخين السيجار بشكل كبير تسبب بشكل أساسيّ بتدهور حالته الصحية والنفسية أيضًا.
المصادر القضائيّة تؤكد إلى أن تدهور صحة الحاكم ليس مرتبطًا بإخلاء سبيله لأنه يلاحق بملفين منفصلين في قصر عدل بيروت وبعبدا، لذلك في حال قرر قاضي التحقيق الأول في بيروت، بلال حلاوي إخلاء سبيله، لن يتمكن سلامة من مغادرة السجن لأنه يُلاحق في ملف آخر في بعبدا لدى القاضي نقولا منصور.
في المقابل، علّقت مصادر مُتابعة لملف سلامة في حديث خاص لـ"المدن" إلى أن سلامة يُعاني من مشاكل صحيّة، لكن التقارير الطُبية مبالغ فيها قليلًا، وتأتي من باب الضغط على القضاء لإخلاء سبيله بحجة أن بقاءه داخل السجن قد يتسبب بتدهور إضافي في صحته.
قضائيًا، يتجهز القاضي بلال حلاوي لإصدار قراره الظني بملف الاستشارات بعد اتهام سلامة بتهريب 44 مليون دولار أميركي من المصرف المركزي عبر حسابات مصرفية، لكن حلاوي بانتظار وصول الملف للنيابة العامة المالية لإبداء المطالعة. وعلى الرغم من مرور ستة أشهر على توقيف سلامة إلا أن حلاوي لم يبت بعد بطلب إخلاء السبيل الذي تقدم به وكيل سلامة القانونيّ، ومن المتوقع أن يبت به مع صدور القرار الظني. ويتوقع إما تركه بكفالة ماليّة مرتفعة جدًا وبالدولار الأميركي أو تمديد فترة احتجازه لمدة ستة أشهر إضافية مع تعليل هذا القرار.
استمرار احتجاز سلامة
عمليًا، لن يؤثر قرار حلاوي بشكل كبير على إطلاق سراح سلامة، لأنه يُلاحق بملف آخر في بعبدا لدى القاضي نقولا منصور وسيبقى موقوفًا، ويتعلق هذا الملف بالإثراء غير المشروع وبأملاك سلامة في الخارج، لذلك من أجل إخلاء سبيله يفترض أيضًا معالجة ملفه في بعبدا. وحسب مصادر قضائية لـ"المدن" فإن القاضي منصور أنهى كل جلسات الاستجواب، وطلب من المصرف المركزي تسليمه تقارير مفصلة حول مصادر أموال سلامة وعقاراته، وبعض المستندات المتعلقة بالملف، لكن المصرف المركزي لم يحول بعد هذه المستندات. وأكدت المصادر إلى صعوبة إصدار القرار الظني قبل تسلّم هذه المستندات والتدقيق فيها، فالملف لم ينته بعد. وحسب معلومات "المدن" فإن إخلاء سبيل سلامة لن يكون سهلًا في ظل ملاحقته بعدة ملفات قضائية في الوقت عينه، خصوصًا أن القاضي حلاوي يستعد للبدء بمتابعة ملف "فوري" بعد أن تراجعت هيئة القضايا في وزارة العدل عن دعوى المخاصمة التي سبق وأن قدمت في هذه الدعوى، وحينها ستصدر مذكرة توقيف وجاهية بحق سلامة لكونه موقوفًا، وعليه يصبح بحق الحاكم ثلاث مذكرات توقيف.
وقبل إحالتها إلى التقاعد، سبق وأن ادعت القاضية غادة عون على سلامة وأعوانه في مجموعة من الملفات، وحُولت جميعها لقضاة التحقيق. وكان من المفترض متابعتها وإصدار مذكرات التوقيف الوجاهية بحقه، إلا أن الأمر لم يحصل، ويعود هذا السبب بحسب مصادر قضائية إلى أنه لحظة وصول الملف لقاضي التحقيق، يقوم سلامة برفع الدعاوى ومخاصمة القضاة فترفع يدهم تلقائيًا عن الملف.
إذن، انطلاقًا من هذه المعطيات يبدو أن إخلاء سبيل سلامة لن يكون سهلًا خصوصًا في حال عودة التحقيقات إلى ملف "فوري".
فرح منصور - المدن