إذا ضرب الجهل الأمم، وإذا تهدّمت المؤسسات العامة، ووقعت الفتن بين أبناء الوطن، طالما كان يُعوّل على التربية وأركانها، واساتذتها ومعلماتها. اليوم، خبر ينذر بخطر رهيب يضرب المجتمع اللبناني، عندما تسمع في أروقة ومؤسسات وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، أحاديث تتناول سرقة المحروقات والقرطاسيّة من المدارس الرسمية على يد مديري تلك المؤسسات التربوية، والخطر ليس بما ارتكب هؤلاء، بل في أنهم مؤتمنون على تربية أجيال يحتذون بهم... ونعم التربية. في البقاع الأوسط، وفي قضاء زحلة تحديداً، متوسطة نيحا الرسميّة، لم ينجح أي طالب بروفيه فيها منذ اكثر من عشرين عامًا، في ظل إدارة مترهلة تحوم حولها أحاديث شهود عيان من بلدة نيحا، رأوا بأمّ العين محروقات تُسرق من خزانات المدرسة الرسمية على يد مديرها أ. ن.، كما وكميات كبيرة من القرطاسية المدرسية وأدوات التنظيف تُنقل بسيّارته الخاصة وتُباع في المؤسسات التجارية، ومنها قسم لا يستهان به من الألكترونيّات، ساعده على بيعها نسيبه من جهة زوجته، ف. ن. ف.، في محله لبيع الأدوات الألكترونية القائم على طريق زحلة الفرزل، وغيرها من الأحاديث التي يتناقلها أفراد الهيئة التعليمية في ما بينهم، عن فقدان المال المخصّص لشراء القهوة والشاي والغاز وغيرها، ناهيك عن الأساتذة والمعلمات المحظيين الذين كان يوقع عنهم جدول الحضور لقاء بدلٍ ماليٍّ آخرهم الأستاذ جمال ن.، الذي يقول مصدر في التربية، أنه يخصص للمدير راتبه كاملا شرط عدم حضوره، وما من رقيب أو حسيب، يضع حداً للمهزلة القائمة. يسود البلدة جوٌّ من الإمتعاض بسبب الضعف التربوي في المدرسة، على الرغم من انضمام أفضل المعلمات والأساتذة ضمن كادرها التعليمي، لكن عدد طلابها انحدر إلى الحضيض، بسبب تمنّع أهالي القرية عن تسجيل أبنائهم فيها في ظل الإدارة الحاليّة، وإرسالهم إلى مدارس خاصة في القرى والمدن المجاورة، تحت وطأة ضائقة اقتصاديّة وارتفاع في الأقساط المدرسية بالإضافة إلى أسعار المحروقات لوسائل النقل، والتي تكوي جيوب المواطنين ومعظمهم من الفلاحين المتوسطي الحال. أحيل مدير المدرسة إلى التقاعد منذ أسبوعين، وتأمل الأهالي خيراً بإدارة جديدة تحمل معهم عبء تعليم أبنائهم، كلّف أ. ن. الناظرة أ. ب. بإدارة ريثما يتم تعيين بديل، وهي بحسب المصدر شريكته السابقة في عدم الأمانة التربوية والمالية، ولا يزال يتمنّع حتى الساعة عن تسليم المفاتيح الخاصة بالمدرسة، بالتواطؤ مع المديرة الجديدة وخادمة المدرسة المدعوة م. د. التي كانت تسوّق لهما بعض المسروقات ، وقد شاهدها أهالي القرية تسرق المازوت من المدرسة وبكميّات كبيرة، وشكوها للمدير علّه يحاسبها فتبين لهم شراكة تجمعهما، وبقيت الخادمة في عملها. زار المفتش التربوي المدرسة، وفتح محضراً بما يحصل، واستدعى اكثر من موظف في متوسطة نيحا للإستجواب، وتبيّن للمفتش أ. أ. د. كمًا من السرقات تطال المحروقات وفواتير أدوات الإطفاء، وفواتير المياه، وادوات التنظيف ، وبملايين الليرات، لا بل عشرات ملايين الليرات، لا سيما عندما تبيّن له رفض المدير السابق تسليم الحساب المصرفي للإدارة الجديدة، التي تلفها الشبهات بتواطئها قديمًا مع المدير، فتحوّل الملف إلى التفتيش المركزي. مصدر تربوي رفيع، أفادنا بأن محاولات للفلفة الموضوع تجري حالياً على أكثر من صعيد، وتدخلات سياسيّة تحصل مع المفتش التربوي المذكور الذي تبيّن له وجود سرقات كبرى وتجاوزات إدارية توصل المدير السابق والحالي والخادمة إلى السجن. بعد كل ذلك، اين وزير التربية من كل تلك المهزلة التي تضرب هذه المدرسة والكثير من المدارس الرسمية في لبنان ؟ ألا تعني لهم شيئاً معاناة الأهالي ؟ والطلاب ؟ والفقر ؟ إنها دولة المزارع المتنقلة بين المناطق التي ينوء المواطن بثقل حملها المعيشي، الذي لم يعد ينقصه دجل أساتذة فاسدين، عاثوا بمدارسهم فساداً. أين الوزير !
المصدر: صوت كل لبنان