بالأرقام: تخوّف من انهيار نقدي بلا سقوف
سياسة |
السبت ٢٧ حزيران ٢٠٢٤
ونوّه المسؤول بأن “التصدي اليومي، الصريح والفوري، من قبل مصرف لبنان أفلح في كشف زيف بعض المحاولات لإعادة تأجيج المضاربات على العملة الوطنية من خلال عرض أسعار بعضها وهمية للدولار، بدليل التهرب من اعتمادها في التنفيذ لصالح طالبيها. كما بدا فعالاً في الحد من سيطرة التطبيقات الهاتفية على عمليات التسعير، وفي الحؤول دون تعميم شائعات بوقف مبادرة التدخل القوي الذي يجري عبر المنصة، التي تم تداولها على شبكات تواصل اجتماعي تضم صرّافين وتجار عملات.”
وبلغت حصيلة الموجة الأولى للتدخل، نحو 425 مليون دولار في 3 أيام، منها نحو 196 مليون دولار في اليوم الأول الذي شهد إقبالا كثيفا من قبل حملة الليرة بالتزامن مع صرف مستحقات الرواتب الشهرية للقطاع العام وإتاحة استبدالها بالدولار أيضاً. ثم تقلّص حجم الطلب إلى نحو 100 مليون دولار يومياً. وهو رقم مرشح لمزيد من التناقص ربطا بامتصاص واستيعاب أكثر من 10 تريليونات ليرة حتى الساعة، فيما يقدر أن مبالغ الكتلة المتداولة بالليرة خارج البنك المركزي تبلغ نحو 43 تريليون ليرة وفقاً لأحدث البيانات العائدة لمطلع الشهر الحالي.
وفضلاً عن التغطية المؤسسية المؤمنة من قبل المجلس المركزي في مصرف لبنان، تشير مصادر متابعة إلى تنسيق مسبق تكفل بتأمين تغطية سياسية من قبل مرجعيات القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية للمبادرة الهادفة أساساً إلى كبح مسلسل انهيار صرف العملة الوطنية الذي قارب 40 ألف ليرة للدولار الواحد بنهاية الأسبوع الماضي، وتمدّدت مفاعيله الدراماتيكية سريعاً إلى أسواق الاستهلاك، ومنذرة بالتسبب بصعود حاد لمنسوب القلق من حصول قلاقل تتعدى النطاق الشعبي والاجتماعي لتصيب الاستقرار الأمني الهش.
وقدّر المسؤول المصرفي أن “هامش المناورة ضيّق أساساً وبطبيعته أمام حاكم البنك المركزي رياض سلامة، بعدما حسم قراره وعممه ببيان رسمي حمل توقيعه، ويقضي بانطلاق مبادرة جديدة تهدف إلى الاستعادة المتدرجة لمركزية الدور في إدارة اللعبة النقدية، وضمن استهداف أبعد مدى لإيقاف مرن لمسلسل الانهيارات القياسية المتتابعة التي لحقت بالعملة الوطنية من دون هوادة على مدار نحو 32 شهراً بالتتابع.”
ولفت إلى أن “حقيقة تبديد نحو 20 مليار دولار منذ بدء الأزمة على دعم الاستهلاك والتدخل في سوق القطع وتغطية المصاريف الخارجية للدولة وسداد مستحقات للكهرباء وأقساط لصالح مؤسسات دولية، ليتقلص إجمالي الاحتياطات الداعمة من العملات الصعبة إلى نحو 11 مليار دولار، تشمل ملياراً من حقوق السحب الخاصة المحولة من صندوق النقد، ويقابلها متوجبات تتعدى نحو 13 مليار دولار كتوظيفات إلزامية على الودائع في الجهاز المصرفي التي تفوق قليلاً مستوى 100 مليار دولار.”
وشكلت خسائر النقد التي تعدت حدود 95% أحد العوامل الرئيسية للأزمات المتفجرة في البلاد منذ خريف عام 2019، وهي أفضت ضمن نتائجها الكارثية إلى إيقاع نحو 85 في المائة من المقيمين تحت خط الفقر، بينهم أكثر من الثلث ضمن حزام الفقر المدقع وفقا لتقارير ميدانية صادرة عن مؤسسات دولية. فضلا عن ضمور الناتج المحلي الإجمالي من نحو 55 إلى أقل من 22 مليار دولار، وإلى انحسار حاد للغاية في حجم القطاع المالي والمصرفي، فيما تقدر خطة التعافي التي أعدتها الحكومة إجمالي الفجوة المالية المحققة بنحو 72 مليار دولار.
وعلى خط موازٍ، تحاول وزارة الاقتصاد، إنما من دون فعالية ملحوظة حتى الساعة، إعادة ضبط الأسعار المتفلتة في كامل منظومة أسواق الاستهلاك، وبالتالي تحقيق التماهي البديهي مع التراجع الفعلي لسعر الدولار بمقدار 10 آلاف ليرة من مستواه الأعلى الذي تم استغلاله في عمليات التسعير للسلع والمواد.
المصدر: الشرق الأوسط