كيف نجا لبنان من 'الجحيم'؟
مقالات وتحقيقات |
السبت ٧ حزيران ٢٠٢٤
وبحسب الصحيفة، "ساهمت أسوأ أزمة مالية مرّت على البلاد في التسبب بفوضى سياسية واقتصادية في العام 2019، تلاها انتشار جائحة كورونا في 2020. وجاء انفجار مرفأ بيروت ليزيد الطين بلة. إن توزيع السلطة وفقًا للانتماء الديني، إلى جانب تواطؤ المصالح السياسية والتجارية المتنافسة سابقًا، جعل من المستحيل تقريبًا تشكيل حكومة جديدة. وبموازاة كل ما سبق، يعيش لبنان موجة هجرة جماعية، للفئة الشابة خاصة، بالإضافة إلى التوترات المتزايدة التي يعود سببها إلى وجود ما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري والذي يخشى البعض من أنه سيؤثر على التوازن بين المجتمعات الدينية ويمنح سوريا نفوذاً كبيراً في الشؤون المحلية. كما وانكمش الناتج المحلي الإجمالي في غضون أربع سنوات بنسبة 70%، وارتفع التضخم بشكل هائل. كل ذلك، وما من علامة على إجراء أي خطوة نحو الإصلاح بعد عام واحد من وضع صندوق النقد الدولي الشروط للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار".
وتابعت الصحيفة، "لكن على الرغم من ذلك، يستنتج المرء أن لبنان، في الواقع، لم يذهب بعد إلى الجحيم. ومن المفارقات أن ذلك يمثل عقبة رئيسية أمام التغيير الذي تحتاجه البلاد لاستعادة ازدهارها القديم وقيادتها الثقافية في الشرق الأوسط. بصرف النظر عن المرونة الأسطورية لشعبه، ساعدت ثلاثة أشياء لبنان على البقاء. الأول هو المساعدات الخارجية والتحويلات التي يرسلها المغتربون. وتصل قيمة التحويلات إلى حوالى 6 مليارات دولار سنويًا، وتحافظ هذه الأموال على مستوى معين من الاستهلاك، وبالتالي تفتح الفرص لجزء من النخبة في مجال الأعمال للاستثمار مع احتمال وجود بعض الطلب على منتجاتهم أو خدماتهم. بعض هؤلاء المستثمرين يكسبون المال، بغض النظر عن السياق الكارثي".
وأضافت الصحيفة، "ثانياً، وللمفارقة، هناك اللاجئون السوريون، الذين يؤدون المهام الضرورية التي لا يميل اللبنانيون إلى أدائها. وأخيراً، هناك النزوح الجماعي للعديد من اللبنانيين إلى دول الخليج وفرنسا ودول غربية أخرى. لقد ساعدت هذه المأساة في تخفيف الضغط على المدى القصير".
وبحسب الصحيفة، "يضيف تحول غير متوقع للأحداث إلى الاستقرار النسبي للوضع الراهن، ويتمثل بالبيئة الدولية. يغذي العنف السياسي في لبنان تقليديًا لاعبون دوليون بدا أن حلفاءهم اللبنانيين مهتمون بما يريده رعاتهم الأجانب أكثر مما يريدونه لبلدهم. إن العداء بين السعودية وسوريا، أو بين السعودية وإيران، كان عاملا مزعزعا للاستقرار في السنوات الأخيرة، ناهيك عن المواجهة بين إسرائيل وكل من إيران وسوريا، يتوسطها حزب الله، شريك إيران وأقوى قوة في لبنان".
وتابعت الصحيفة، "لكن في الآونة الأخيرة، تحركت سوريا والسعودية وإيران نحو التقارب. ومن المفارقات أن ذلك كان على حساب لبنان بعض الشيء. إن احتمالية حدوث انفراج نسبي بين القوى الفاعلة في المنطقة تثني هذا البلد عن متابعة أنواع الإصلاحات التي يجب القيام بها لتحرير النظام من القومية الاقتصادية الطائفية والمحسوبية والامتيازات، والتي هي أصل مشاكل لبنان. عدد قليل من اللبنانيين يعتقدون أن السلام الدولي في حد ذاته سيساعدهم على الخروج من الحفرة".
وأضافت الصحيفة، "في العام 2019، نزل اللبنانيون إلى الشوارع في ما يعرف بثورة "17 تشرين" للتنديد بنظام قضى على الطبقة الوسطى. ما بدأ كتمرد ضد أزمة مالية أحدثتها الهندسة المالية التي فرضها البنك المركزي، تحول إلى تمرد واسع النطاق ضد تواطؤ المصالح السياسية والمالية والتجارية. لكن بعد أربع سنوات، لم يتغير شيء تقريباً. ومع ذلك تمكن اللبنانيون من النجاة. في الوقت الحالي، يبدو أنهم منشغلون جدًا في كسب لقمة العيش حتى يتمكنوا من القتال مرة أخرى".