مسيحيو الجنوب متروكون لمصيرهم... والأحزاب المسيحية غائبة!
مقالات وتحقيقات |
الثلاثاء ٨ تشرين ثاني ٢٠٢٤
فبعد أن بدأت الأحداث الأمنية والعسكرية جنوبي البلاد تتخذ منحًا تصعيديًا، مع تكرار عمليات القصف والإستهداف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، ارتفعت المخاوف من اندلاع حرب جديدة في لبنان بالتوازي مع ارتفاع نسبة تخوف على الشعب المسيحي في المناطق الجنوبية.
فالزعماء المسيحيون عبّروا بوضوح عن رفضهم جرّ البلد إلى الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، في وقتٍ كان معظم سكان هذه القرى الجنوبية يدرسون ويدققون بمواقفهم جيدًا قبل الإعلان عنها لتجنب وضع قراهم ولتأمين مستلزماتهم في حال استقروا فيها.
زار السفير البابوي باولو بورجيا ورئيس المؤسسة المارونية للإنتشار شارل جورج الحاج، بجولة على القرى الحدودية التي تعرّضت للقصف في الأيام الماضية ومازالت، للوقوف على أوضاع أهلها وتقديم مساعدات عينيّة أساسية لدعم صمودهم في منازلهم وقراهم، في الفترة العصيبة التي يجتازها لبنان.
وقد وزّع فريق المؤسسة 1350 حصة غذائية على أهالي رميش ودبل والقوزح وعين إبل وعلما الشعب، خصوصًا مع ورود أخبار عن تراجع مخزون المواد الغذائية في قرى المنطقة، بالإضافة إلى توفير مادة الأوكسيجين لتعزيز احتياط مستوصف رميش الذي أنشئ حديثًا من هذه المادة الحيوية للإسعافات الأولية.
كما وتم البحث في أوضاع أهالي البلدة واحتياجاتهم في ظل الظروف المتوترة.
أوساط مسيحية أعطت إنطباعها بأنّ "ما قاموا به عبارة عن خطوة جيدة".واعتبرت أنّ "دورٌ لافتٌ وإيجابي سجله كل من السفير البابوي وشارل الحاج خلال جولتهم على القرى الحدودية، وفي ظل هذا التحرك الذي كان من المفترض أن نراه من أحزاب سياسية مسيحية للحفاظ على الكيان المسيحي وصموده في قراهم، بينما نراهم يتلهون في قشور الخطابات والشعارات والخلافات في ما بينهم على ملفات تخدم مصالحهم الحزبية وليس مصلحة حتى مناصريهم".كما وأعطت "كاريتاس" أملاً للبعض من السكان في تلك المناطق.
لم يعد خفيًا ما يمر به مسيحيو بعض القرى الجنوبية، فمنهم عاد ليعيش جحيم الخوف على خسارة منزله في حال اضطر لمغادرته، وفي حال توسعت الحرب يخطط البعض لإرسال عائلته ليبقى هو في البيت حاميًا رزقه، بالرغم من خطر الموت.
هذه المخاوف وبعيدًا عن صحتها أو عدمه كان يجب على النواب المسيحيين أن نراهم هم من يقومون بجولة كالتي قام بها السفير البابوي ويدعمون بالفعل لأول مرة لا بالقول الذين يحتاجون مساعدتهم ومساندتهم، حتى لو فقط عبر إمدادهم بالمواد الأولية كالمازوت وغيرها.
بالمحصلة، انتقادات تطال غياب الدور المسيحي في المعادلة وتقصير القيادات في رعاية بيئتها في ظل غياب الدولة ومؤسساتها، فكلٌّ له دوره وعلاقاته وموقفه، وتوسيع القدرة على إيصاله مطلوب أيضاً، فأين هم مسيحيو لبنان وسط الدور الذي من المفترض أن يلعبوه تجاه أهالي البلدة واحتياجاتهم، خاصة أن باقي الطوائف يحصلون على مساعدة ومساندة أحزابهم.
فالمبادرة خطوة جيدة ولو متأخرة وإنما مناسبة جدًا لبداية تقودنا الى أن نتجّه جميعًا لبناء وطن كلنا موجودون فيه، كما وعلينا أن نعي جميعًا في هذه المرحلة، أنّ علينا أّلّأ نسلك اتجاهات بعيدة عن المسؤولية المتوجبة وبعيدة عن إيجاد مخارج لما يمر به سكان تلك المناطق.
خاص الكلمة أونلاين
نوال أبو حيدر