سلاح ومال في 'أوكار'النزوح…إجراءات للجيش والبلديات لا تمنع للانفجار !
مقالات وتحقيقات |
السبت ٧ كانون ثاني ٢٠٢٤
قبل أيام قليلة، نقلت "النهار" معلومات وصفتها أوساط ديبلوماسية أوروبية بالـ"مذهلة"، مرتبطة بوجود كميات كبيرة من الأسلحة في مخيّمات النازحين السوريين، ما أثار قلقاً حقيقياً في صفوف المواطنين وأعاد إلى البال الخطر الأمني الحقيقي الموجود في الداخل اللبناني، إلى جانب الخطر الذي تُشكّله الحرب في الجنوب بين "حزب الله" وإسرائيل.
حسب المعلومات المذكورة، فإنّ معظم دفعات النازحين الجديدة إلى لبنان مُسلّحة بسلاح خفيف أو متوسّط وقنابل، وبيانات مديرية التوجيه في الجيش اللبناني التي تصدر عقب توقيف نازحين خلال مداهمات وتُبيّن السلاح المُصادر دليل على ذلك، وتكشف المعلومات وجود مبالغ كبيرة جداً مع نازحين يُفترض أنهم وصلوا إلى لبنان إثر الوضع الاقتصادي السيّئ في سوريا، مع ضرورة التأكيد على أنّ هذه الحالة ليست معمّمة على كافة النازحين.
والأخطر من ذلك، كان نقل مسؤول أمني معلومات مفادها أن القوى الأمنية السورية متواطئة في تسهيل النزوح إلى لبنان كونها لا تمنع العبور غير الشرعي، حتى أنّ القوى النظامية ترشد القادمين إلى المعابر الآمنة، لأنّ ثمّة معابر تمّ تفخيخها، وهي ترعى شبكات التهريب، ما يؤشّر إلى إمكانية أن يكون النظام السوري يُحضّر لمفاجآت أمنية في لبنان مع تسهيله عبور مسلّحين.
توفّر السلاح لدى النازحين بكميات كبيرة ونوعية لا شكّ أنّه ليس عملاً فردياً، ولا يهدف إلى تأمين الحماية الشخصية، بل إنّ ثمّة من يتحدّث عن صلات مشبوهة مع النظام السوري الذي يضغط لتسهيل وصول هذه الأسلحة إلى مخيّمات النزوح، وثمّة عمل مخابراتي سوري نشط في المناطق بهدف تنظيم عمل هذه العصابات، ما يشي بالأخطر.
في هذا السياق، يبرز دور الجيش والقوى الأمنية والبلديات والمجموعات الأهلية في حفظ الأمن في المناطق، خصوصاً تلك التي تعاني من بعض الحساسيات نتيجة أحداث تاريخية بين أهلها والجيش السوري خلال الحرب الأهلية، وتتجه الأنظار إلى الإجراءات التي تتخذها الأجهزة الرسمية والأمنية من أجل مراقبة النازحين وضبط كلّ حركة مشبوهة، والمحافظة نسبياً على الاستقرار.
خريش: عصابات خلفها النظام السوريّ
الخبير العسكري والاستراتيجي مارون خريش يُشير إلى أنّ السلاح المتوسط الحجم (كالـRPG) المتوافر مع النازحين السوريين ليس فردياً، والعصابات التي ينتمون إليها هؤلاء لا تهدف إلى السرقة أو تجارة المخدرات أو ما شابه، لأنّ هذا السلاح مع هذه العصابات يُشير إلى أنّ ثمّة دولة راعية لطريقة وصول السلاح إليهم وخرق الأمن اللبناني، ولممارساتهم، وفي هذا السياق، فإنّ الأصابع تتّجه إلى النظام السوري الذي يسعى إلى خربطة الأمن في لبنان والعودة إليه من بوابة النازحين.
وفي حديث لـ"النهار"، يلفت خريش إلى دور الجيش في ضبط الوضع نسبياً، ويقول إنّ "الجيش يقوم بدوره على أكمل وجه رغم الإمكانات المتواضعة جداً والتي تمنعه من تطوير عمله، وهو يُوقف النازحين المخالفين ويُصادر السلاح، ومن المُمكن أن يتوسّع دور الجيش في حال تفاقم الأمور في منطقة معيّنة من خلال إعلان مجلس الوزراء حالة الطوارئ في هذه المنطقة، فيتدخل الجيش ويتسلّم زمام الأمور لفترة معيّنة".
أمّا وعن دور البلديات، فيعتبر خريش أنّ دور هذه المؤسسات ينحسر في إحصاء النازحين وجمع المعلومات عنهم، كالأسماء والعناوين وأسباب الإقامة وما شابه، على أن يكون دور الأمن محصوراً بالأجهزة الأمنية، وإلّا تشريع ظاهرة الأمن الذاتي والتسليح، وهو ما يُمكن أن يؤدّي إلى إشكالات وتضارب صلاحيات وحتّى فوضى بين المنطقة والأخرى.
إجراءات بلديّة ودوريّات والأحزاب على الخطّ!
من منظور البلديات، ووفق رؤساء عدد من البلديات والاتحادات، ثمّة إجراءات أمنية تُتخذ، كضبط المحلات والمعامل والمصانع التي يُديرها سوريون دون أوراق رسمية، وتنظيم الحواجز وضبط السيارات والدراجات النارية التي يقودها النازحون بطريقة غير شرعية، التجوال على المنازل للتأكّد من توافر تصاريح مع النازحين للسكن وتسديد الرسوم المطلوبة، بالإضافة إلى تحديد أوقات التجوّل.
ورغم اتّخاذ هذه الإجراءات وضبط العديد من السيارات والدراجات غير الشرعية وسكن النازحين دون تصاريح، فإنّ اللبنانيين أيضاً مسؤولون عن التصريح عن العمال الأجانب الذين يعملون لصالحهم أو يقطنون في منازلهم، وفي هذا السياق فإنّ التجاوب ضعيف في عدد من المناطق، والمطلوب من المواطنين توفير المعلومات اللازمة للبلديات.
إلّا أنّ البلديات ترفض تحمّل مسؤولية الوضع الأمني بشكل كامل، ويقول المعنيون إنّ الأجهزة الأمنية تتحمّل هذه المسؤوليات بالدرجة الأولى، وهي المولجة والمخوّلة والمجهّزة إجراء المقتضيات الأمنية وتفتيش المنازل والمخيمات والتقصّي بشكل دقيق عن النازحين لمعرفة خلفياتهم السياسية والدوافع التي قدموا على أساسها إلى لبنان، وما إذا كانت اقتصادية أم أمنية.
ووفق معلومات "النهار"، فإنّ العديد من البلديات باتت تنظّم دوريات سيّارة وراجلة ليلاً وفي المناطق المشبوهة والبعيدة عن الأنظار، وتُحاول قدر الإمكان إجراء المسوحات لإحصاء أعداد النازحين وجمع المعلومات عنهم وعن خلفياتهم، ومراقبتهم لملاحظة ما إذا كانت ثمّة تحرّكات مشبوهة، وعُلم أنّ بعض الأحزاب أيضاً تقوم بدور الأمن والحماية وتسيير الدوريات في المناطق التي تتواجد فيها.
لكن وفي الآن عينه، فإنّ هذه الإجراءات لا تمنع انفجار الوضع في حال كانت ثمّة مخطّطات حقيقية لتفجير البلاد، لأنّ أعداد النازحين السوريين في لبنان باتت خارج السيطرة، وفي بعض المناطق تفوق عدد المواطنين اللبنانيين، ومهما بلغت قدرات الجيش والأجهزة الأمنية، فهي لن تكون قادرة على منع حصول الفوضى بسبب الأعداد الكبيرة للنازحين، وبالتالي فإنّ الحلول الموجودة لا تُعالج الأزمة بشكل جذريّ.
في المحصّلة، فإنّ الخطر الأمني لفئة من النازحين السوريين المرتبطين بالنظام وبشار الأسد قائم وينتقل إلى العام الجديد، والدولة بمؤسساتها الأمنية والبلدية قد تكون قادرة على ضبط الأمن نسبياً وفي المدى المنظور، لكنّ الخوف من سيناريوهات فوضوية قد تعمل عليها دمشق تُحرّك مخابراتها في لبنان "بكبسة زر"، فتخرج الأمور عن السيطرة، وحينها فإنّ الإجراءات الموضعية المتّخذة حالياً لن تشفع.