'لحمةُ الفقراء' في خطر؟ من ينقذ البطاطا اللُّبنانيّة؟
مقالات وتحقيقات |
الثلاثاء ٨ كانون ثاني ٢٠٢٤
كان لبنان في السّابق من الدول التي يُشهدُ لها في إنتاج البطاطا، وقد أدرجتهُ منظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة من بين الدول الأولى في هذا المضمار، ولقد وصلت البطاطا اللبنانية إلى أبرز الأسواق العالميّة، منافسةً بقوة على مستوى ومساحة العالم العربي والعالم.
تُقدّرُ المساحةُ المُخصّصة لزراعة البطاطا في لبنان، حوالي ١٩ ألف هيكتار، وتحتل محافظتا البقاع والهرمل المرتبة الأولى من حيث نسبة الأراضي المزروعة (70%). وقد بلغ انتاجهما وفق الفاو (2007) نحو 490 ألف طن. وتأتي عكار في المرتبة الثانية (26% من المساحة المزروعة، وفق العدد 336 لمجلّة الجيش اللبنانيّ. والأرض اللبنانية مناسبة لهذا الصّنف وفق الدراسات والإحصاء، حيث يصلُ انتاج الهكتار الواحد لأكثر من ٢٥ طنًّا في لبنان وهو رقمٌ مرتفع مقارنةً بدولٍ أخرى، وهذا ما يعطي لبنان تفوّقًا في هذا المجال، عندما يتحسَّنُ واقعُ التّصديرِ، وتهتمُّ الجهات المعنيّة بهذه الثَّمرة الاستثنائية على شتّى الصُّعد، والتي يمكن لها أن تدُرَّ دخلًا كبيرًا، على القطاع والاقتصاد برمّته.
ومع تغيّر الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنقدي بصورة سلبيّةٍ، واتّجاه المشهد الزراعي إلى مكامنَ خطرةٍ، يطفو على سطح المشهد، القلقُ الجديّ على" لحمة الفقراء" كما تسمّى، التي يتخذها جلّ الشعب اللبنانيّ كمادةٍ مركزيّةٍ، على الطّبق اللبناني غير الدّسم هذه الأيّام.
في هذا السّياق يقول رئيس تجمع مزارعي البقاع إبراهيم التّرشيشي "إنّ لبنان كان ينتجُ فيما سبق ما يقاربُ ٣٥٠ ألف طن سنويّا، ونصدر حوالي ١٥٠ ألف طنّ للخارج، ولكن هذا الأمر تبدّل، واليوم الكميّات أصبحت أقل بكثير والسوق اللبناني بات بحاجةٍ لها، ودونم البطاطا اليوم يكلّفُ ما بين ال500 إلى 700$ أميركي، وهو رقمٌ ليس بالقليل في هذا الزمن الاقتصادي الصّعب الذي تمرُّ به البلاد، وقد كان لارتفاع المازوت تأثير كبير على هذه الزراعة كما على القطاع برمته، وهذا ما رفع من كلفة إنتاجها بشكلٍ كبير، وبالتالي ما رفع من سعرها.
الاستيراد ليس حلًّا، لا بالنّسبة للبطاطا او غيرها من المنتجات الوطنيّة، لأن كلفة الاستيراد تبلغ أكثر من كلفة الانتاج المحليّة، وثمة تجارب في هذا الإطار لمحاولة استيراد بعض المنتجات ولكنها باءت بالفشل، نظرًا لأسعارها المرتفعة، وفق ما يتحدث رئيس تجمع مزارعي البقاع.
أبو علي وهو من مزارعي البطاطا في غرب البقاع، يتحدّث "لموقعنا" أنَّ الانتاج من حيث الكلفة بات باهظًا، وأنه إذا استمرّينا على هذه الحال، سيصبحُ شراءُ اللّحم أقلُّ ثمنًا من شراء البطاطا، وعلى الدّولة أن تلتفت للعاملين في هذه المهنة،قبل فوات الأوان.
خلاصةُ الحديثِ أنّ لحمةَ الفقراءِ في خطر، لا بل إنّ الإهمالَ المتعمّدَ لمزارعيها قد يطيح بالمشهد الزراعي برمته، في وطن يعتاش أكثر من 30% من سكّانه، بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة، من هذا القطاع المركزيِّ.
زياد العسل - الأفضل نيوز