التمديد لقادة الأجهزة على الطاولة مجدداً
مقالات وتحقيقات |
الثلاثاء ٨ تشرين أول ٢٠٢٤
من هنا، ما زال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يدفع صوب تأمين ظروف التئام اسبوعي لحكومته، لدواعٍ مرتبطة بضرورة توفير إحاطة أمنية على طاولة مجلس الوزراء حول الأحداث الجارية توجب إبقاء الدولة مطلعة على ما يجري ما يتيح تأمين إستعدادات لأي طارئ. يضاف إلى ذلك بناء تقديرات شبه يومية حول ما يحصل، مع الإشارة إلى أن رئيس الحكومة يجري اطلاعه بشكل يومي على الأحداث الجارية في ساحة الجنوب وإحاطته بتقرير أمني مصدره الأجهزة المعنية. وبالإضافة إلى مهمته التنفيذية، لوحظ أن ميقاتي تحول منذ اندلاع الحرب إلى ما يشبه "ناقل رسائل" ذات بعد سياسي وأمني إلى "حزب الله" من جانب بعض الدول الاقليمية والدولية.
التعديلات الجارية في المفاهيم إنسحبت ايضاً على قوى أخرى، إذ يبدو أنها عدلت في أولوياتها، وبات الحيز الأمني مسيطراً على ما هو سياسي. ومن العلامات اللافتة أن الجيش وقيادته باتوا على رأس سُلم أولويات الجميع. في مثل الوضع الراهن المدرج على "الدرجة الحمرا" قياساً لحالة الخطر والإحتمال الكبير لتوسع المعركة لتشمل بقعاً أخرى في الجنوب، يصبح الجيش اللبناني أولوية على ما عداها، ما بالك بقيادته التي تُعاني من عطبٍ جوهري له علاقة بهيكليتها، وافتقاد الجيش إلى المجلس العسكري الذي لا بدّ أن يكون موجوداً في مثل هذه الظروف. وفي الإشارة إلى الجيش، فإن الاخير يقيس ما يجري في الميدان الجنوبي بتأنٍ كبير.
إلى حدِ الآن هُناك تحييد واضح لقوى الجيش عند الشريط الحدودي عن الإستهدافات، على الرغم من أن عدة عمليات قصف طالته ونالت من نقاط تتبع له مخلفةً إصابات في صفوف العسكريين. يعود ذلك، وفق معنيين، إلى رسائل أميركية طالبت تحييد الجيش اللبناني عن أي نزاع محتمل، فيما الجيش وإزاء ما تقوم به المقاومة عند الحدود من ردود على الاعتداءات الاسرائيلية، يربط أي تحرّك عسكري مستقبلي له بمدى اتساع الجبهة ولأي درجة سيبلغ العدو عدوانه، مع ضرورة الإحاطة بأن الجيش بوضعه الحالي، العسكري والنفسي والإقتصادي، ليس مطلوباً منه أكثر مما هو حاصل. في غضون ذلك، يستمر الجيش في أداء مهامه في محاور القتال كافةً.
على الجانب الآخر ما زال السعي جارياً من أجل إيجاد تكريس مفهوم الإستقرار في الجيش من خلال البحث في حلول جدية لموضوع الفراغ المحتمل في قيادة الجيش. وبالرغم من أن المسافة لغاية العاشر من كانون الثاني المقبل موعد إحالة العماد جوزاف عون إلى التقاعد ما زالت بعيدة، غير أن مجموعة من القيادات السياسية البارزة، على رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والزعيم وليد جنبلاط بالاضافة إلى الحزب، يحاولون إيجاد حلول لهذه العقدة إستباقاً لأي تطور عسكري محتمل على الجبهة. وعلى ما هو واضح، فإن جميع الأطراف حددت موعداً وهو الشهر المقبل كحد أقصى لتلافي الشغور في قيادة الجيش.
حتى الآن فإن فرضية أن يرفع وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال والمحسوب على "التيار الوطني الحر" موريس سليم إقتراحاً بالتمديد للعماد جوزاف عون معدومة. يقابلها تطور طرأ على موقف سليم أفادت بجهوزيته "متى سمحت الظروف" من أجل الخوض في تعيين قائد للجيش ورئيس للأركان ضمن ما يمكن تسميته بـ"باكيج ديل"، وهذا يندرج ضمن سخونة اللحظة الحالية حيث لا مصلحة لأحد في فراغ في الجيش أو نشوء صراعات داخلية لها علاقة بمن تعود له أحقّية الأمرة في الجيش خلال الفراغ في القيادة ورئاسة الأركان. وفيما يعتقد البعض أن المقدمة التي طرحها سليم ليست محلّ توافق، يعتقدون أن الوزير، وربطاً بالأحداث الجارية وتغير المعادلات والضرورات، قد يقوم بـ"تكويعة" تعفي الجيش من أمتحان غير مرغوب وقت الحرب.
في المقابل، ثمة وجهة نظر أخرى تفيد بأن الحلّ المنشود في قيادة الجيش لا بدّ أن يتوفر من خلال تطور قد يطرأ على موقف بعض القوى السياسية يؤدي إلى إتفاق حول تعيين رئيس للأركان. في المقابل، نعت مصادر واسعة الاطلاع هذه الفرضية على اعتبار أنها اُسقطت لغياب النص القانوني الذي يجيز للحكومة التسمية من خارج رأي وزارة الدفاع.
وتكشف المصادر، أن المحاولة الجدية الوحيدة بدأت فعلياً قبيل معركة "طوفان الأقصى" وتمثلت بتفاهم شفهي بين بري – ميقاتي – جنبلاط – حزب الله قضى بالدفع قدماً صوب تعيين رئيس للأركان. واستؤنفت المحاولة بعيد تطورات غزّة حين طرح الموضوع لأول مرة خلال الجلسة التي أعقبت اندلاع المعارك في القطاع، واستتبع بالجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي انعقدت الأسبوع الماضي وطرح فيها هذا المخرج عن لسان وزير البيئة ناصر ياسين. لكن يبدو أن الإقتراح قد سقط فعلاً.
ويعتقد على نطاقٍ واسع، أن ثمة من أراد خلق ظروف نقاش حول موضوع رئيس للأركان رغم علمه بأن إمراره مستحيل، لاستغلال ذلك في سبيل تعبيد الطريق أمام تسوية شاملة على مبدأ "سلة" تطال جميع المواقع الأمنية الشاغرة أو التي قد تشغر مستقبلاً، وذلك من خلال إفساح المجال أمام اقتراح القانون المعجل المقرر المقدم من النائبين الإشتراكيين بلال عبدالله وهادي أبو الحسن. وفي اعتقاد المصادر، أن الظرف الحالي قد يسمح في إمرار الإقتراح إستثنائياً، مع الإشارة إلى ضغوطات أميركية تمارس في هذا الصدد، وتفضل أن لا يبقى الجيش من دون رأس لاسيما في ظل الاوضاع الجارية في المنطقة.
ويعود بنا اقتراح القانون إلى الطرح القائل بزيادة عامين لكل الضباط بما فيهم رؤساء الأجهزة الامنية بوصفه الأقل كلفةً والأكثر توافقاً بين الأركان، وقد أوجدَ سلفاً بهدف تمريره وقت "الحشرة"، التي وبحسب الأجواء "قد دنت" ربطاً بالأحداث الجارية عند الحدود، بحيث تستوجب –بحسب المصادر- بت الموضوع في أقرب فرصة ممكنة.
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح