المقاومة تبعث رسائل نار والجيش أيضاً... الخيمة باقية
مقالات وتحقيقات |
الجمعة ٧ تموز ٢٠٢٥
.jpg)
جاء ذلك في أثناء تحضيرات عسكرية وتدريبات قيل إنها تابعة للواء السابع المدرّع الإسرائيلي، ووسط تهديدات إسرائيلية بـ"التصرّف" إزاء الخيمة، قوبلت بصرامة عبّر عنها الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله. إذاً السياق العملاني الجاري يشير بوضوح إلى ارتفاع حدة التوتر تدريجياً، وهو أسلوب قرّر "حزب الله" إعتماده جنوباً لردع ما تعتبره "إسرائيل" حيوية تستفيد منها في التوسّع براً، والتقدم إلى نقاط غير متنازَع عليها لخلق أمر واقع جديد.
تقول المعلومات، إن الوساطات التي جرت مؤخراً من أجل إيجاد حل لمسألة الخيمة المقامة خلف ما يسمى بـ"خط الإنسحاب" عند مزارع شبعا، باءت بالفشل، نتيجة تمسك المقاومة بها باعتبارها أقيمت داخل الأراضي اللبنانية. وهناك سبب لا يجوز تجاهله. فالموقف الرسمي اللبناني بشقّه العسكري تحديداً متكيِّف بشكل كبير مع ما تقوم به المقاومة عند الحدود. وبتعبيرِ أوضح، فهم الإسرائيليون أن الوفد العسكري اللبناني المشارك ضمن إجتماعات الثلاثية في الناقورة برعاية الامم المتحدة، يدافع عن فكرة الخيمة، وعن حق لبنان في إقامة أي نشاط ضمن منطقته المحتلة. وطالما أن الوفد رسمي إذاً هو يتعامل بناء على توجيهات مصدرها قيادة الجيش. من جهة ثانية تلاحظ المقاومة، ومن خلفها الجانب العسكري اللبناني، ان العدو الإسرائيلي يُناور في مسألة الغجر، ويختلق أسباباً من أجل الإمتناع عن الإنسحاب كلياً من الجزء اللبناني المحتل الواقع شمالها، والمسمى في القاموس الرسمي اللبناني "خراج بلدة الماري". يتعمد العدو، وفقاً لما أشارت إليه المعلومات، البقاء "بشكل إداري" متذرّعاً برفض الأهالي إخلاء منازلهم، مع العلم أنه سمح بالتمدّد العمراني طيلة الفترة الماضية بإتجاه خراج بلدة الماري، رغم علمه أنها أراضٍ لبنانية، ما يؤكد أنه راغب في فرض أمر واقع في وقتٍ لاحق، ولضم المنطقة إليه ورفع جدار في محيطها، وعلى أماكن مرتفعة، لما يقول إنه مشروع لحماية نفسه من أي تسلّل محتمل للمقاومة!
هذا على مقلب المقاومة. على المقلب السياسي العنوان نفسه: المواجهة. وتأخذ المواجهة طابعاً عسكرياً أيضاً مع انضواء الجيش اللبناني بقوة ضمن المسار، وفي ذلك رسالة واضحة من الجيش: تعزيز حضوره الميداني في الجنوب وزيادة تناغمه مع المقاومة.
دلالات المواجهة التي يحملها الجيش لم تبدأ بعيد إقامة الخيمة، أو أنه تأثر بطابعها العسكري الذي ينحو صوب المواجهة فانسحبَ إليها، إنما تحمل في طياتها مضامين كثيرة. فخلال الإجتماع الثلاثي غير المباشر الذي انعقد في الناقورة مطلع الشهر الماضي إستثنائياً لمتابعة الخروقات الإسرائيلية في محيط كفرشوبا، بدا الوفد اللبناني متقدماً في مواقفه وينحو باتجاه الهجوم أكثر، مُدخِلاً تعديلاً جوهرياً على المفهوم التقليدي لهذه الإجتماعات. عبّر ممثل الوفد عن اعتراضه على الإعتداءات البرية التي طاولت كفرشوبا. وفي كلام له دلالاته، توعّد العدو الإسرائيلي بأفعال مقاومة لا تقل شأناً عما مارسه الراعي اللبناني آنذاك من مواجهة دبابة معادية بجسده العاري، واصفاً البيئة في المنطقة تحديداً، وفي الجنوب بشكل عام، بأنها مستعدة لمواجهة العدو بأسنانها وأظافرها إن اضطر الأمر. كلام ظهر مألوفاً لجهة الحالة والتوقيت، واستبطن تهديداً في أن الجيش يتّجه صوب تبنّي أي فعل مقاوم، سواء كان عسكرياً أو مدنياً رداً على الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة. فيما بعد، بدأ يلاحظ أن الكلام التحذيري يُستتبع بإجراءات ميدنية متدرّجة يتّخذها الجيش على الأرض، وعلى كافة المحاور التقليدية. صحيح أنها لم تصل حدّ المواجهة المباشرة مع العدو من خلال إطلاق النار، لكنها اتّسمت بالتحام مباشر في مواجهة الجنود الإسرائيليين إلى حد إبعادهم بالقوة في كثير من النقاط التي حاولوا الإعتداء أو محاولتهم تكريس أمر واقع، مع إستعدادات لعسكريين بناء على أوامر وجّهها ضباط لإطلاق النار في حال تخطّي جنود العدو خطوطاً رسموها وأبلغوا الأمم المتحدة حولها. إجراءات من هذا القبيل قُرِئت إسرائيلياً في إطار التكامل بين الجيش اللبناني والمقاومة.
عملياً، لا بد من ترقّب ردّ إسرائيلي على الإجراءات التي يتخذها الجيش بالتوازي مع أخرى تقوم بها المقاومة، لا سيما بعدما باتت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في جو تناغم ذات طابع عسكري ما بين الطرفين. وثمة من يفسر إمتناع الوفد العسكري الإسرائيلي عن المشاركة في اجتماع اللجنة الثلاثية الإستثنائي في الناقورة اليوم برئاسة قائد القوات الدولية "اليونيفيل" الجنرال أرولدو لازارو، لدرس الخروقات الإسرائيلية بالجملة للسيادة اللبنانية، لرغبته الفرار من مواجهة أمر واقع يحضره الجانب اللبناني له. فإقدامه مؤخراً على ضم الجزء الشمالي من بلدة الغجر، ليس فيه خرقاً للقرار 1701 أو إعتداءاً على السيادة اللبنانية فحسب، إنما يستبطن أمراً واقعاً يحاول الإسرائيلي فرضه. في المقابل، لا بد من تكريس أمر واقع جديد من الجهة اللبنانية المقابلة. وإن أخذت الخيمة كمعيار، والموقع اللبناني المفترض داخل الإجتماع في حال انعقاده كمعيار، نصل إلى أكثر من تكامل بين الجيش والمقاومة، وهو أكثر ما يُؤرِق العدو.
"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح