الحريري في بيروت في ١٤ شباط
مقالات وتحقيقات |
الثلاثاء ٨ كانون ثاني ٢٠٢٤
واستطرد سعد معلقاً:” ما زالت الطائرة مخطوفة، وواجباتي، ومسؤولياتي، أن أعمل بروح رفيق الحريري على إنقاذ الركاب وتأمين سلامتهم. ومن الآن أقول لكم: الخاطف لن يتمكن من أن يكمل، والطائرة ستهبط قريبا بإذن الله بالسلامة في مطار رفيق الحريري الدولي وتعطي الأمان والكرامة للركاب ولكل لبنان. والخاطف سينال نصيبه”.
قد تكون الطائرة المخطوفة حطت ذات صباح في مطار رفيق الحريري وقد لا. والأرجحية أنها لم تحط بعد بالسلامة كما أراد وكما كان يريد بناء على وصية ونهج والده الشهيد رفيق الحريري بدليل أن كل الركاب ما زالوا رهينة الخوف والإنقلاب الذي أحدثه اغتيال الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005 وما تلاه من اغتيالات لرجالات ثورة الأرز وخطف البلد وأخذه رهينة في يد حزب السلاح وتحويله إلى ملحق لسياسة دول الممانعة بقيادة إيران.
تلك الطائرة المخطوفة لم تحط بعد، لكن طائرة تقل الرئيس سعد الحريري ستحط حتما وفق معلومات “المركزية” في مطار رفيق الحريري للمشاركة في إحياء ذكرى 14 شباط 2024 بعدما كان الرهان بأنه لن يحضر هذه السنة نظرًا للأوضاع الراهنة، بدءًا ممّا يجري في الجنوب بين “حزب الله” وإسرائيل وصولًا إلى الحرب على غزة وتداعياتها العسكرية والسياسية والإنسانية.
الرهان ساقط. والأكيد أن سعد الحريري سيكون بين ناسه وأهله في 14 شباط هذه السنة كما العام الماضي وضمن المشهدية نفسها، وكما في كل لحظة من ذاك التاريخ الأسود الذي اغتيل فيه مشروع وطن حضاري وديمقراطي مع اغتيال رفيق الحريري. حتى الرهان على أفول الحريرية السياسية مع تعليق سعد الحريري عمله السياسي منذ عامين في 24 كانون الثاني 2022 سقط بدوره لأن الحريري لم يعتزل كما يفترض البعض أو كما كان يتمنى.”فتعليقه العمل السياسي التقليدي ينحصر بعدم مشاركته في السلطة وعدم المشاركة في الإنتخابات النيابية وترشيح نواب أو المشاركة في الحكومة . لكن حضوره لا يزال فاعلا على المستوى التنظيمي في تيار المستقبل وحتى على المستوى الشعبي وهذا ما يتظهر في كل 14 شباط وما ستشهده الساحة الحريرية في هذا التاريخ من هذه السنة حيث ستكون الكلمة كما العام الماضي للناس الذين سيعبرون بحضورهم في الساحات وطريقة استقبالهم للرئيس سعد الحريري الذي سيقف أمام ضريح والده الشهيد رفيق الحريري محاطا بجمهوره وناسه ومؤيديه من كل المناطق، بحسب ما تؤكد مصادر عليمة لـ “المركزية” بعدها ينتقل الحريري إلى بيت الوسط ليستقبل بعض الشخصيات وقيادات في تيار المستقبل قبل أن يعود إلى دولة الإمارات حيث يعيد ترتيب أوضاعه العملية والمالية.
في ذكرى الرابع عشر من شباط، كان ينتظر اللبنانيون وجمهور الساحة السنية خطاب الحريري. العام الماضي قرر أن لا تكون هناك كلمة وهذه السنة أيضا. لا كلمة ولا مواقف سياسية. ويدرك خصوم الرئيس سعد الحريري قبل حلفائه أن محطة 14 شباط محفورة في ذاكرة وعقول من عاش تلك اللحظة وحتى من سيقرأ عنها في كتب التاريخ. هي محطة وطنية يشهد لها الجميع. محطة اغتالت فيها الأيادي الملطخة بدماء الأحرار ورجالات الوطن رفيق الحريري ومعها وطن وشعب بكامله. وليس عبثا أن تقف كل القوى والأحزاب عند هذه المحطة الوطنية بما يليق بها.
أكثر من ذلك، فمن خطط ونفذ عملية تغييب الشهيد رفيق الحريري عن حياة بيروت أراد تماما ً تغييب مشروع نهضة وطن وتدمير ما أعاد إعماره، وإزاحة عملاق من طريقه وإفراغ لبنان من رجاله الذين توصلوا بالحب والإيمان والعمل إلى أن يكونوا من أهل الحل والربط فيه لتسهل عليهم عملية استمرار اللعب بمصير لبنان واللبنانيين.
المجرمون كانوا يعلمون ذلك حتما، لكن المؤتمنين على النهج حافظوا على ذكرى 14 شباط ومبادئ رفيق الحريري الوطنية والعربية، وأيضا على محطة 14 آذار ودفعوا الثمن بحسب أوساط معارضة، تؤكد لـ”المركزية” بأن مع استشهاد الحريري استشهد لبنان بدليل ما وصلنا إليه اليوم من انهيار على كل المستويات. وعندما حاول الرئيس سعد إعادة ربط البوصلة والعمل على خطى ونهج والده إنطلاقا من الظروف المستجدة، لم يحصد إلا الإنقلاب عليه والغدر به. لذلك قرر تعليق العمل السياسي كما لتيار المستقبل وهذه سابقة كانت تتطلب منه الكثير من الشجاعة وقد فعلها.
غياب الحريري عن الساحة السياسية شكل صدمة لا يزال صداها يتردد في أوساط الخصوم قبل الحلفاء أما على مستوى الساحة السنية فالكلمة تبقى للناس. ” من راهن على طي صفحة الحريرية السياسية سقط رهانه .فخط ونهج ومبادئ رفيق الحريري لا تزال حاضرة. والأمانة التي تسلمها الرئيس الحريري موجودة في وجدان الناس بدليل ما شهدته ساحة 14 شباط العام الماضي وهذه السنة أيضا على رغم تعليق سعد الحريري العمل السياسي.وعلى رغم كل المزايدات ستبقى محطة 14 شباط لتؤكد أن الحريرية لا تموت فهي خط ونهج انطلق مع الشهيد الحريري واستمر مع سعد الذي بتعليقه العمل السياسي كشف الستارة عمن حاولوا أن يجعلوا من الحريري شماعة سياسية. وكما بادر بهذه الخطوة الشجاعة سيعود في اللحظة المناسبة”.
جوانا فرحات - المركزية