بعد الأوراق البيضاء... عدم اكتمال النصاب كلمة سرّ الجلسات الرئاسية
مقالات وتحقيقات |
الجمعة ٢٦ تشرين أول ٢٠٢٤
للمرة الثانية يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية يوم غد الخميس. منذ الجلسة الأولى كان يتمنى لو يسبق أي جلسة انتخاب رئاسية التوافق المرجو للخروج من البرلمان برئيس جديد ولكن وفي كل مرة يتحدث عن التوافق يخرج من يكيل بحقه العتب واللوم. في الجلسة الاولى هرج ومرج وخلافات واختلافات في الآراء حتى ضمن الفريق الواحد. أصاب بري في كشف المشهد النيابي على حقيقته. مجلس اللاتوافق واللاإتفاق ولو على جنس الملائكة. مشهد مبكٍ مضحك. ميشال معوض نال 36 صوتًا، يليه سليم اده الذي رشحوه عنوة، وتسيّدت الأوراق البيضاء ورفرفت فوق سماء النواب وانتهت الجلسة لصالح «حزب الله» وحلفائه.
مرة جديدة يتحدث بري عن التوافق الذي سيسبق الجلسة فيظهر من يتهمه بالكفر السياسي ويرد عليه البطريرك الراعي فيدعوه الى عقد جلسة ليس معروفاً بعد كيف ستنتهي في مجلس شرط انعقاد جلسته تأمين نصاب من 86 نائباً لا يقدر أي طرف على تأمينه في ظل الاجواء السائدة. وكأن لسان حال بري يقول»نهيتكم ما انتهيتوا، اعملوا ما اشتهيتو». الحقيقة الوحيدة في جلسة الخميس ان النواب لن ينتخبوا رئيساً والنصاب لن يتوافر. والجلسة حكماً ستنتهي الى تضعضع قوى المعارضة والسياديين ممن يأملون كما بكركي في انتخاب رئيس عنيد وقوي واصلاحي وصاحب قرار اي رئيس يتمتع بمواصفات اكسترا لا تتوافر في أي دولة من دول العالم و»سبحان من رضى الناس بعقولها» يقول قائل.
يرضي بري المطالبين بجلسات انتخاب الرئيس وفق المواعيد الدستورية ويعيد اليهم كرة النار فيظهر هشاشة الموقف السياسي وهشاشة النواب لكن لا هم ان يقطع الطريق عليهم بالدعوة الى جلسات مفتوحة على الهواء مباشرة تصنع من حديثي النعمة النيابية نجوما فيخرج هو النجم الاساسي من الجلسة.
النجم الآخر السياسي هو وليد جنبلاط. رئيس الاشتراكي هو أقدر السياسيين على اللعب في الوقت الضائع. هو أيضًا يُعطي لكل مقام مقال في السياسة. خرج عليهم متمنياً الاتفاق على رئيس فخونوه، التزم كلمة السر وانتخب ميشال معوض للرئاسة. أرسل موفده وائل أبو فاعور إلى معراب وخرج منها يقول «معوّض يستوفي الشروط ليكون رئيساً للجمهورية» هنا ضحك جنبلاط في سره وضحك معوض وضحكت الجمهورية لان رئيس الاشتراكي يعتبر أنّه يقوم بواجباته وفي نهاية المطاف لن يأتي رئيس إلا بعد تفاهم وتسوية .
إذًا في مجلس النواب لاعبان اساسيان هما بري وجنبلاط. الاول يدير دفة البرلمان والثاني يؤمن نصابها ويرجح الكفة متى أصبح ذلك ضرورة. وثالثهما في بعبدا، ينتظران خروجه بالساعات تيقناً منهما أن تاريخ 31 تشرين سيكون نهاية عهده وتياره، بينما ينتظر هو التاريخ ذاته ليتحرر من عبء السلطة. في 31 تشرين الاول وأن لم يتم الاتفاق على تشكيل حكومة وهو المرجح سيكون البلد على موعد مع فراغين رئاسي وحكومي فمن سيقبل بمثل هذا الوضع ومن سيتحمل مسؤولياته. في المعطى المسيحي لن يكون عون هو الخاسر لان لا بكركي ولا أي طرف سياسي سيتحمل فكرة حكومة تصريف أعمال بصلاحيات رئاسية. كان أغلب الظن أن انشغال الجميع بالترسيم حوّل الانظار عن الحكومة لكن وعلى ما يبدو فإن تشكيل الحكومة لم يعد هو الاساس. توج اتفاق الترسيم نهاية العهد فلمَ يسلم عون وباسيل بحكومة لا ترضي طموحاتهما السياسية. يصر باسيل على حكومة سياسية ويرغب في تغيير الوزراء المحسوبين على تياره. بات يعتبرهم أقرب إلى ميقاتي. في حسابات التيار، إذا استمرت الحكومة على حالها فإنّ ميقاتي سيكون الحاكم بأمره ومعه صلاحيات رئيس الجمهورية فمن سيتحمل مثل هذا الواقع مسيحياً. رغم كل التعقيدات لا يزال «حزب الله» يسعى لتقريب وجهات النظر بين باسيل وميقاتي. لا يريد كسر باسيل وتحالفه مع عون سيغدو أقوى متى غادر بعبدا. وإن وقع الفراغان فلن يسمح بخروج باسيل منكسراً ولن تتشكل حكومة إلا بما يتناسب وشروطه والتعاطي معه أسوة بالتعاطي مع بقية الافرقاء في الحكومة.
غادة حلاوي- نداء الوطن